التخطي إلى المحتوى

قصة قصيدة : بقلم الدكتور مصطفي رجب

كتبت هذه القصيدة وأنا طالب في الليسانس ، وحصلت بها على المركز الأول في الشعر على مستوى جامعة أسيوط وفروعها سنتئذ ، وكانت الجائزة حينئذ عظيمة جدا : عشرة جنيهااااااات ، و ” ألبوم صور ” وأجندة أهدانيهما عميد كليتنا ( كلية التربية بأسيوط) د. نظمي حنا ميخائيل رحمه الله … ولم يضم هذه القصيدة – حتى اليوم – أي ديوان من دواويني التي صدرت ، واليوم عثرت عليها في ” كراسة” قديمة مما يتناثر في زوايا مكتبتي من دفائن … فهأنذا أنشرها كما هي بلا أي تعديل :
قُومِي إلى الكاسِ ، فاسقي الناس ، وانسحبي ………. وغيِّري السحرَ في الأجفان للغضبِ
إني أرى في عيون القوم مَخْمَصَةً……………… للخصر والنحر والتفاح والعنبِ
تبدو الدناءةُ في أبصارهم صُوَرًا ………………….. من خسةٍ نتْنةٍ مجهولة السببِ
قومي بهيةُ ، إن القومَ جُوعُهمُ ……… للجنس ، من بعض جوع النار للحَطَبِ
ألقوا على قدِّك الفتّان في نَهَمٍ ………………إذْ رُحتِ تمشين أشواظا من اللهب
لم يرحموا منكِ أبناءً مجندلةَ ………………….أجسادهم في متاهاتٍ من الكُثُب
لم يرحموا لطمات الدهر باديةً ………….. على جبينك ذاك المُرهَقِ الشَّحِبِ
لم يفهموا بسمةَ الإعياء هازئةً …………….. حيرى على الثغر ، لم تُسألْ ولم تُجب
قومي بهيةُ ، ما عادت مجالسنا ……………….. مجالس الهزل والتهريج واللعب
يكفي الذي ضاع منا وقت صبوتنا ………..ولنضبط النفس إن الوقت من ذهب
القوم ليس لهم في أرضنا وطرٌ ………………….سوى التسلي بماضينا أو العجب
آويتِهم وفتحتِ البابَ ضاحكةً……………………. والبِشْرُ عن وجهك الفتان لم يغب
حميتِهم من عدوٍّ حَلَّ دارهمُ ……………… لا حِلَّ ضيفٍ ، ولكن حِلَّ مغتصِبِ
أطفالنا حُرموا من كل ما ملكت ……………. أندادهم من مراجيحٍ ومن لعب
شبابنا لم يفكر في بناء غد …………………….. تَزينه زوجةٌ في ملبس قشب
تَعَلَّموا في ظروفٍ لم نُلمَّ بها ……………………إلا لتنظيفِ جِلْدِ العُرْب من جَرَبِ
لم يدرسوا علم تخطيط وتنمية ……………… بل علم ما يقتضيه منطقُ الغضب
تعلموا ثورة الأحرار كاسحةً ………. يقودها الثأر للأمجاد والحَسَب
تعلموا منطق الصاروخ منطلقا ………..لا منطق العجز والتنديد والخُطَب
أبناء رمسيس – مذ كانوا- فراعنةٌ ………….. تعنو الليالي لهم من سالف الحقب
لم يرهبوا الموتَ ، والأهرام شاهدةٌ ………….أحجارها صرخات القهر والرعب
أحجارها لغة التاريخ شاهدةٌ ………………….. تُزيل ما قد يهز النفس من ريب
تُعلم الناس أن المجد كان لهم …………………. عبداً مطيعا ورهن الأمر والطلب
قومي بهيةُ ، هذي الكأسُ قد فرغتْ ………… فعبِّئيها من الأحقاد والغضب
قومي بهيةُ ، إن النفس قد ظمئت ……….. للثأر والدم ، لا للرقص والطرب
يا مصر …إن فؤادي يشتكي ألماً ………….. ألمَّ مما أصابَ العًربَ من عطب
فنحن يا مصر مرضى ، غاب داؤهمُ ………..عن الأُساة ، فلاذ الطبُّ بالهرب
تغيرت لغة الأجداد ، فانقلبتْ …………. فصاحةُ الحرف لحنًا أعرجَ الخَبَب
واستعمرتنا مفاهيمٌ مزركشة ……………..ألوتْ بما ورّثتنا أنضرُ الكتب
صرنا ذيولا ، لمن كانوا لنا خدما………….من ألف عام ، وليس الرأسُ كالذّنَب
شقاؤنا في عبارات مزيفة …………….. لما اخترعنا من الألقاب والرتب
يا مصر …إن ضمير الحر يقتله ……………إذا تردد بين الموت والغضب
فلتغضبي قدر ما في النفس من غضب ….. ولتنزعي كل ما بالنفس من كُرَب
وعلمينا إذا ما الخطب داهمنا ………. أن ندفع الخطب بالصاروخ لا الخطب
وعلمينا إذا اهتزت رجولتنا ……….. أن نترك القول للأبطال لا الكتب
وعلمينا – وكم علمتِ من أمم – …………… أن ننتضي السيف للأرزاء والنوب
( فالسيف أصدق أنباء من الكتب …………. في حده الحد بين الجد واللعب )
قضية الأرض والمحتل قائمة …………. من نصف قرن عن الأحداق لم تغب
وقومنا العرب ( الأحرار!) سائمة …………. ركابهم في شعارات على السحب :
( لا صوت يعلو…) و(إسرائيل زعنفة………… مزعومة) وهتافات من الصخب
وواقع العُرْب تحشيشٌ وعربدةٌ ………………..وراقصاتٌ يبعن الجسم بالذهب
قومي بهيةُ ، إن النفس قد غثيتْ …………… فلقنينا معاني العزم والدأب
وأيقظي حافظا من موته فزعا …………………..ليُسمِع العُرْبَ أبياتا على كثب :
( إذا نطقتُ فقاع السجن متكأ ………………… وإن سكتُّ فإن النفس لم تطب )
(القوم في مصر كالإسفنج قد ظمئوا …………… بالماء لم يتركوا ضرعا لمحتلب )

مصطفى رجب – 8 مارس 1978

قد يهمك: قصة عامل النظافة “من حكايات الزمن الجميل” بقلم الكاتب الكبير: نعيم الاسيوطي
—————–

التعليقات

اترك تعليقاً