قصة عامل النظافة “من حكايات الزمن الجميل” بقلم الكاتب الكبير: نعيم الاسيوطي

حبيت الشغل في الاسانسير.. اصل بصراحة عرفني بناس كتيره.. وعلمني أتصرف إزاي في المواقف الصعبة.. وطريقة الرد بالحسنى وإحترام الكبير والصغير .. وفي يوم عطل بيا الاسانسير.. وفضلت اخبط من جوه الكابينة علشان حد يسمعني .. أكتر من ساعتين محبوس في متر طول في عرض لحد ما سمعني عمي ذكي رئيس العمال بكلية الطب.. طلع فوق السطوح وسحب الاسانسير لحد الأخر.. خرجت منه وجسمي كله ميه.. عمي ذكي راجل طيب جدا .. راح جابلي قزازة كاكولا من عند عمي جاب الله بقسم الفسيولوجيا.. وفضل يطبطب على ضهري ويهديني .. وبعد ساعه حضر الفني بتاع شركة اوتس وطلب مني أمسك بالمفك المسمار اللي جوه الكابينه وهو فوق الكابينه بيريط سلك اللمبه .. عملت زي ما قال الا إن أيدي ازحلقت بالمفك وكهرباء الاسانسير حدفتني بره الكابينه.. وقعت في الطرقة قدام الدكتوره وفاء مرات معالي العميد الدكتور محمود فتح الله .. الصراحة هي اتخطت وصرخت صرخة مكتومه.. نادت على عمي عامر ومدام أمال اللي حضرت بسرعه وطلعت من شطنتها عطر علشان اشمه وافوق من الوقعة والخضه .. نزل الفني من فوق الكابينه بيضحك بهبل.. صرخت فيه وعطته درس محترم عمره ما ينساه .. تاني يوم عمي ذكي اخدني من الاسانسير لمكتب الشئون العامة اللي بيشتغل فيه الواد علي حسن اللي أبوه مدير عام في الجامعة.. وهو كان زميلي في المدرسه .. وبصراحه محبتش الشغل في الإداره لأني هشتغل عامل نضافة والواد علي حسن موظف فيها .. بس برضه اتحملت علشان لقمة العيش اللي هاكلها بشرف.. وكمان دايما بفتكر إني بساعد أبويا بالقرشين اللي هاخدهم أخر الشهر .. وتاني يوم طلب مني علي حسن سندوتشات من كافتيريا ثابت بدوي .. قلت حاضر.. نزلت جبت طلبه وكمان طلب ميه وشاي برضه قلت حاضر.. وبعد ما خلص فطار بدأ يطلب ورق ودبابيس وحاجات تانيه كتيره .. برضه اتحملت وقلت حاضر حاضر .. تالت يوم عمي عبد العليم العامل اللي معي في الإدارة نده عليا وقال:
– خد الخيشه والجردل والمكنسه وروح اكنس وامسح حمام معالي العميد وحمام الموظفين والطرقه اللي من الحمام لمكتب العميد .. وشد حيلك قبل الموظفين ما تيجي برضه قلت حاضر.. واتحملت مسح الحمامات والطرقه اللي طولها اكتر من ١٥٠ متر وزياده في مبني كلية العلوم الدور التالت .. يااااه ضهري وجعني قوي .. المهم خلصت مسح الحمامات والطرقه ورحت قلت لعمي عبد العليم
– انا مسحت الطرقة والحمامات وعايز افطر واشرب شاي..
قعدت في المكان الخاص بعمال الإدارة.. وفوجئت ان عمي عبد العليم بيقول مربعات وشعر.. وعرفت منه إنه ميعرفش يقرأ ولا يكتب.. وحافظ كتير من السير الشعبيه.. وده اللي خلاني اصبر على الشغل ده بجانب مساعدتي لوالدي .. وكل يوم الصبح الساعه سبعه الا ربع امسح الحمامات والطرقة.. وبعد ساعة ونص أنزل أجيب السندوتشات من كافتيريا ثابت بدوي لزميلي ودفعتي في المدرسة علي حسن.. اللي انا كنت عليه حكمدار في الفصل .. حسيت في لحظه إنه بيعاملني بعند وبينتقم مني.. وعرفت من كلامه معي بأن فيه فرق بين العامل والموظف وإن الناس درجات .. طبعا هو ابوه مدير وانا أبويا عامل نضافه.. والطبيعي اني أكون عامل زي أبويا.. دا كلامه قدام كل الموظفين اللي في الإدارة.. سمع الكلام ده عمي ذكي رئيس العمال وقال:
– متزعلش يا ابو الشيخ علي بكره هكلم معالي العميد والأستاذ عبدالمنعم وننقلك من إدارة الشئون العامة لمكتب العميد .. هزيت رأسي ورضيت بالأمر الواقع.
وللحديث بقيه
راهب المسرح