التخطي إلى المحتوى

الأقلام المبتدئة من تفاوت الأفهام إلى سيادة الأوهام.. بقلم أ.د/ على عبدالمنعم حسين، أستاذ مساعد المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية بتربية الزقازيق.

إن الباحث في قضايا اللغة العربية الغارق فى همومها تشغله مسائل تتعلق بالتكوين اللغوى المتكامل لأبناء العربية. فالسلاح الأقوى فى تمزيق أية أمة لمن يرى ببصيرته النافذة هو تمزيق لغتها ، وإذا كانت الإزدواجية اللغوية وتعددية الأشكال المستخدمة فى التعبير اللغوى فى وقتنا الراهن تمثلان معا هما كبيرا من هموم اللغة العربية فإن هناك جهودا يجب أن تتخذ للحفاظ على هذه اللغة من الاندثار بصنيع أهلها واستهانتهم بلغتهم.

والمدهش أنك تقرأ على صفحات التواصل الاجتماعى لكبار الشخصيات والكتاب والإعلاميين والصحفيين تدوينات تصيب المتلقى بأذى نفسى غير عادى. والسؤال المطروح الآن : كيف تبقى هذه اللغة صامدة أمام كل ما تتعرض له من انتهاكات وهزات وعوامل أذى وتخريب وإقصاء واتهام بالقصور وعدم القدرة على مجاراة التقدم العلمى والتقنى الموحش.

أما آن الأوان لأن نستنهض الهمم ونوقظ الضمائر والعقول لخطورة التخلى عن اللغة العربية الأم لغة أهل القرآن. إننى أكتب هذا المقال بعد مطالعتى لعدد غير قليل من روايات وقصص صغار الشباب المبدعين وأصفهم حقا بذلك؛ لأنها تعبر عن تجاربهم وتأملاتهم فى الحياة ولكن ينقصها حرفية الإنتاج والدقة اللغوية السليمة فى استخدام مفردات العربية الفصحى الميسرة لا المقعرة المتكلفة بحيث ينجذب القراء لما يبدعه أصحاب الأقلام المبتدئة ونشجعهم ونقوى عزائمهم لميدان الإبداع الأدبى الذى يجب أن يتخذ منه هؤلاء الشباب نماذج تشكل لهم بوصلة للمسار الإبداعى فى التأليف والإبداع للاهتداء بهم فى كتاباتهم حتى تكتمل صور أعمالهم ولا تتفاوت الأفهام فى تلقى كتاباتهم لتسود أوهام أخرى أكثر بل أشد خطورة على مجتمعنا العربى الذى يجب أن يعتز بلغته التى تشكل هويته وقوميته وعربيته الخالصة.

إن كل لغة حية لها أربعة مستويات ؛ مستوى محلى يمثل لغة الجماعة ، ومستوى ناقل يمثل القاسم المشترك بين الناس ، والمستوى الثالث وهو المستوى المرجعى الذى يمثل لغة الثقافة الأدبية ، أما المستوى الرابع فهو المستوى الروحانى المتمثل في النصوص المقدسة كالقرآن الكريم والأحاديث النبوية المشرفة وهى نصوص خالدة يتحدى استمرارها الزمن ، ويتجلى فيها أكبر قدر من الاستقلالية بالنسبة للغة. فلا يمكن لأى لحظة من تاريخها أن تتقلص فى شحنتها الدلالية المفعمة ووظيفتها الفكرية المصاحبة لحياة الإنسان فى كل أمور دينه ودنياه فمكان هذه اللغة حقا في أعلى البناء.

إلا أن الباحث المتأمل فى استعمال اللغة العربية المعاصر يلاحظ أن هناك مستوى وسطا بين الفصحى المعاصرة والعامية فلا هو فصيح كليا ولا هو عامي كليا ، إنه فى رأينا المتواضع هجين لا طعم له وللأسف يستخدمه الكثيرون وفى نطاق واسع على مستوى التخاطب والتراسل اليومى إننى أدعوكم من هذا المقام التوعوى إلى الحفاظ على لغتكم العربية من الضياع فى مرحلة خطيرة فارقة من تشكيل أجيال هانت على ألسنتهم وفى كتاباتهم لغتهم فهانوا على أنفسهم.
والله المستعان وعليه التكلان.

التعليقات

اترك تعليقاً