التخطي إلى المحتوى

” أمى وسيدنا النبى ” بقلم : عادل صابر

” أمى وسيدنا النبى ” بقلم : عادل صابر

كانت أمى رحمة الله عليها عاشقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت دائماً عندما تخلو بنفسها فى لحظات الصفاء النفسى والأيام الخالية ، تمسك بصينية الشاى أو طبق فارغ وتظل تنقر عليه بيدها وتمدح فى رسول الله وتقول :
ماتصلوا على النبى ياقاعدين كسالَى
من معجزات النبى شكتله الغزالة
—-
أنا بامدح سِيدنا النبى وعلى ابن عمّه
يوم القيامة النبى يطفى النار بكمّه
—–
ماتقوم ياشارى واشترى المولَّد
دا انا حجّتى من جيبى كرامة لمحمد
ماتقوم ياشارى واشترى الهجينة
دا انا حجتى من جيبى كرامة لنبيا
——–
فى ظريق النبى بنيّة تغنى
مالية السبيل من زمزم للعاشق يصلّى
——-
وتظل أمى تمدح وتمدح فى حب المصطفى ويأتيها الكلام بلا توقف كمطر الشتاء ، وانا أظل بجوارها استمع وأردد وراءها لازمة المدح لتواصل الإيقاع الموسيقى وعدم انقطاع الرتم والنغمة .
وكانت كلما ذهبت امرأة من النجع لأداء العمرة ، ارى غيرة وشوق فى عينيها لاتبوح بهما لى فهى تعرف عجزنا وفقرنا وأنها تحتاج الى معجزة لتذهب الى الحبيب ، ودائما ماتردد عندما تسمع بفلانة ذاهبة لأداء العمرة :
نفسى أزور النبى ولا شي بيدّى
وياقادر ياكريم فرِّجها ياربى
ياما نفسى ازور النبى ولا شى بإيدى
وياقادر ياكريم ، فرِّجها ياسيدى
وبعد أن تنتهى من مدح الحبيب، تسيل من عينيها الموجوعتين دمعة كبيرة على خدها شوقاً لرسول الله ، وكنت دائما كلما وجدتها على هذه الحالة من الشوق ، اطمئنها قائلاَ : والله حتزوريه يامّه ، فترد ضاحكة : بس كيف يمِّى ؟! .. اقولها والله حتتعدَّل يامايا ، واللى داعيه النبى حيروحله ، قترد قائلة : واللى مايقدرش يروحله بياجيله هو لغاية عنده والنبى ياوليدى .. ثم تضحك أمى وتقول بصوت عالى مجرور : يانوووووووور النبى ياعادل ، يارب اوعدنا يارب .
وظلت أمى على هذه الحالة سنوات تشتاق للنبى ، وأنا اطمئنها أن الزيارة قريبة !!
وذات ليلة من ليالى الشتاء ، وبينما كنت نائم رأيت رؤية رائعة قبيل الفجر ، رأيت بأننى أطل من النافذة الغربية لحجرتى التى تطل على ” الحرجة ” ، وإذا بى أرى الكعبة بجوار بيتنا لايفصل بينها وبين بيتنا إلا ترعة صغيرة ، المسحد الحرام والناس تطوف حول الكعبة ، وكأنه موسم الحج ، أو كأن نجعنا الصامت تحوّل إلى مكة فى هذه الليلة ، وفى الصباح ققصت على أمى هذه الرؤياة الرائعة ففرحت وضحكت وانفردت تجاعيد وجهها بالسرور وقالت : مين عارف ياولدى يمكن الزيارة قرّبت .. اللى عند ربنا مش بعيد ياعادل ، واللى فى علمه يتمّه ياولدى ، واللى داعيه رايحله رايحله ، والنبى لو كان شحات بجريدة !!
ولم يمر يوم على هذه الرؤية الرائعة ، وبعدما عدت من المقهى ليلا ، وكان ذلك فى إحدى ليالى عام 2016 ، فى هذه الليلة فتحت الفيسبوك ، ووجدت رسالة على الخاص من الشاعر العربى القدير النبيل عماد قطرى ، صاحب مؤسسة عماد قطرى للنشر والإبداع والتنمية الثقافية والمتزوج من الفاضلة الدكتورة سحر عيسى استاذة النقد الأدبى بجامعة أم القرى ، والمقيمان بالمملكة العربية السعودية ، وفى 2013 كان النبيل عماد قطرى قد قام بطبع ديوانى “بحر الدميرة ” فى جائزته المعروفة بإسم ” جائزة عماد قطرى ” ، المهم لا أريد أن أطيل عليكم فى التفاصيل
وجدت رسالته على الخاص وتبادلنا مع السلام ، والسؤال عن الصحة والأولاد ، وسألنى عن أمى التى لم يعرفها من قبل ، فقلت له : تسلم عليك والله ياشاعرنا القدير ، فطلب منى السيد عماد قطرى ان اخبر الوالدة بالدعاء له ، فقلت له : والله لاخليها تدعيلك انهاردة فى صلاة الفجر ياسيدى ، فسألنى : طيب هى مش عايزة اى حاجة ؟ فأجبته على الفور : والله ياسيدى النبيل نفسها تزور رسول الله وانا مش قادر ونفسى احقق حلمها . فقال لى الرجل العظيم دون تردد : طاب خدها بكرة طلعلها الجواز وانت طلع جوازك ، وشوف العمرة تكلف كام حاليا ، وبكرة حباعتلكم تكاليف العمرة ، طبعا أنا ماصدقتش من كتر الفرحة وصحيت أمى فى الليل وقلتلها : مش قلتلك يامة حتزورى سيدنا النبى وماكنتيش مصدقة ، وحكيتلها الحكاية وظلت أمى تطلق فى الزغاريد حتى الصباح ، وفى الصباح توجهنا الى قنا وطلعنا الجوازات ، وارسل لنا العظيم عماد قطرى تكاليف العمرتين أنا وامى من الألف الى الياء ، وأخذت أمى بحلمها الرائع وأدينا العمرة ،وجاءنا الشاعر الكبير فى الفندق هناك وزارنا وسلم على امى واحضر معه بعض الهدايا ووجبة غداء وحيا الجميع ومضى ، ونشرت بعض صورنا هناك على الفيسبوك انا وامى فى المدينة .. أنا وامى فى الكعبة .. أنا وامى فى جبل أحد .. أنا وامى فى بيار على ، وهكذا سمع بنا كل الاصدقاء هناك ، من سوهاج واسيوط وابو تشت وقنا واسوان ، وكل يوم يأتينى الفندق فوج من الأصدقاء يسسلمون علينا أنا وامى ، ويتقّطونى فلوس لايقل الواحد منهم عن 200 ريال دا غير البطاطين والجلاليب والأكل ، المهم ، رحنا العمرة وجبنا معانا فلوس وبطاطين وجلاليب وسبح وطواقى كله من باب الكريم … ومن يومها وانا اتفكّر كلام أمى .. والله ياعدل ياولدى اللى داعيه حيروحله ولو كان شحات بجريدة .. ويانور النبى .. والله يرحمك يامّه ، مشيتى وسبتيلنا نور النبى .

 

التعليقات

اترك تعليقاً