قد لا يعرفه جمهور الشاشة كما يعرف أسماء نجوم الدراما، لكنه بالنسبة للمسرح وأهله أحد أولئك الذين لا تُنسى بصماتهم، مراد منير، مخرج جاء من هامش المألوف، وقرّر أن يصنع لنفسه مكانًا في عالم لا يعترف إلا بالموهبة والإصرار.
من هو مراد منير؟
وُلد مراد منير في مدينة بورسعيد، تلك المدينة التي تعرف جيدًا معنى التمرد والمقاومة. وهناك تشكّلت ملامح وعيه الأول، قبل أن ينتقل إلى الإسكندرية لدراسة القانون، لكنه لم يستطع أن يتجاهل شغفه الحقيقي بالمسرح، لم يكن المسرح بالنسبة له خشبة وأضواء، بل نافذة للقول الصعب، ومنبر للحرية.
لم يكن طريقه سهلاً، في ثلاث مناسبات – أعوام 1973 و1975 و1980 – وجد نفسه خلف القضبان، لا بسبب جريمة ارتكبها، بل بسبب أفكار عبّر عنها في عروضه، لم يتراجع، بل كان يرى في السجن اختبارًا إضافيًا لمدى تمسكه بما يؤمن.

مخرج بمذاق خاص
في وقت كانت فيه بعض العروض المسرحية مجرد واجهة للضحك السهل، اختار مراد منير طريقًا مختلفًا، قدّم أعمالًا مثل “الملك هو الملك”، “منين أجيب ناس”، “ملك الشحاتين”، و”زيارة سعيدة جدًا”، وأصرّ أن تكون أعماله مزيجًا بين الفكرة والوجدان، بين النص والارتجال، بين التجريب والصدق.
كان يؤمن بالممثل كعنصر أساسي في المعادلة، لكنه لم يفقد في الوقت نفسه يقينه بأن المخرج هو من يُمسك بخيوط العرض.
المتمرد الذي أحب
حياته الشخصية لم تكن بعيدة عن دراما المسرح، تزوّج ثلاث مرات، كان أكثرها شهرة زواجه من الفنانة فايزة كمال، التي ظلّت معه حتى وفاتها، بعد أن جمعت بينهما قصة حب وإنسانية نادرة، وقد ظل يذكر مواقفها بإجلال، خاصة حين رفضت عروضًا مالية مغرية مقابل أن تتخلى عن بيتها وزوجها.

عندما تكسر الصحة جسد الفنان
تعرض في السنوات الأخيرة لجلطة دماغية ثم كسر في القدم، لكنه أصر على الاستمرار في العمل والتدريب والإشراف المسرحي، مدعومًا من زوجته الحالية “سلوى عمر”، ورغم الأزمات، ظلّ واقفًا، وإن بقدم مكسورة وصوت مُتعَب، لأنه آمن دومًا أن الفن لا يموت ما دام الحلم حيًا.
لم يكتفِ بالإخراج فقط، بل دوّن تجربته في كتاب “الغجري: مذكرات مخرج مسرحي”، ليحكي فيه عن رحلته، عن الصراع بين الفن والواقع، وعن المنفى الداخلي الذي قد يعيشه الفنان حين يشعر أن العالم لا يشبهه.
طالع أيضاً: هند البلوشي تحتفل بطفلها الثالث فمن هي ونبذة عن حياتها وفنها واسرتها
التعليقات